وقد ذكر الشارع أحكامه في نصوصه وهي متفقة مع ما يدركه العقل الإنساني من أن المتشبهات تأخذ حكماً فقهياً واحداً، وأن التشابه الذي يراه العقل في تصوره للأشياء مناطٌ للتساوي في الحكم بينها عند الشارع. وعلى عكس هذا، فثمة ما يلاحظه المكلف من أن الشارع فرَّق في نصوصه بين الأشياء المتشابهة في أحكامها الفقهية إذ إن التشابه هنا لم يُعَدَّ مناطاً للتشريع. وعلم المكلف حق العلم بأن التسوية والتفريق في الحكم بين الأشياء لا يبنيان على إدراك العقل المحض وإنما تشريعٌ من الله ورسوله. يُخَصُّ الكلام عن تسوية المتشابهات في أحكامها الفقهية في كثير من الأبواب الأصولية وأظهرها باب القياس، وأما الكلام عن تفريق المتشابهات في أحكامها الفقهية فيُخَصُّ في فن الفروق الفقهية. وكون هذه الفروق الفقهية مستمدةً من النصوص التشريعية فثمة حاجة إلى توظيفها برهاناً على صدق الوحي من ناحية إسناده إلى الشارع وصحته من ناحية بلوغه من الشارع، وذلك بالنظر في علاقة هذه الفروق الفقهية بالإعجاز. ويتم تناول هذا الموضوع بتقسيم دراسته إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، حيث يتعرض المبحث الأول للفروق الفقهية في القرآن والسنة، ويتطرق المبحث الثاني إلى مفهوم الإعجاز التشريعي في القرآن والسنة، ويعكف المبحث الثالث على أوجه العلاقة بين الفروق الفقهية بالإعجاز التشريعي